لا يفضل غالبية الناس أن يكون لهم كينونتهم الخاصة فيهم، بل يفضلون نمط الحياة المريح والذي يوفّر لهم الحاجات الأساسية وهي المسكن والملبس والمأكل والمشرب والجنس إضافة إلى بعض النواحي التثقيفية والتعليمية وبعض الترويح عن النفس إضافة إلى حلم البشر كافّة وهو المال، هذا هو أقصى ما يطمح إليه العامة، وبسبب نمط التفكير هذا، أصبح سهلاً قيادتهم من قبل صناع الرأي والقادة، فهم غير قادرين على التحليل والفهم، وأقصى ما يعجبهم هو أن يأتي إنسان ليدغدغ عواطفهم، عن طريق أفكارهم التي كونوها مسبقاً، ليس عن قناعة شخصية وبحث جاد بل عن طريق القادة أيضاً وعن طريق وسائل الإعلام والمفكرين الذين بثوا في عقولهم هذه الأفكار، فالعقل الجمعي غير قادر على إجراء المحاكمات وتوظيف المعايير الخاصة للحكم على المستجدات، لهذا فالفكرة التي تدخل يستحيل أن تخرج، بل تبقى إلى ان تأتي قوة خارقة تخرجها من مكانها وتستبدلها بفكرة أخرى أصح منها، حيث تبدأ الكرة من جديد، فهذه الفكرة التي دخلت إلى العقل لا بد وانها واجهت الكثير من المصاعب والتحديات ولا بد وأنها هددت بالإجهاض وهي لا تزال في رحم عقل من توصل إليها ثم وبعد ذلك دخلت هذه الفكرة في كرحلة التأمل ثم القبول.
من هم المؤثرونهؤلاء الأشخاص الذين حملوا هذه الأفكار هم المؤثرين، ولا بد أن سبب تأثيرهم الكبير في الناس نابع من أنهم أناس آمنوا بصدق في أفكارهم التي احتازتها عقولهم، والإيمان يظهر للعامة من الناس عندما يظهرون الصبر والتحمل أمام من يعاديهم بسبب فكرتهم هذه. كما أنّ التّأثير في الناس قد يكون عن طريق استخدام المصطلحات التي تلهب مشاعر الجموع وتتوافق مع ما نشأوا عليه من أفكار، فأمهر الساسة هم اولئك الذين يتبعون هذه الطرق، ومن هنا يتضح لنا أنّ النهج الأول هو نهج الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – فقد استطاعوا التأثير على الآخرين عن طريق قول ما يختلف مع الأفكار والعقول، فليس في دعوة الأنبياء تملق أو دجل أو كذب أو خداع بل دعواتهم هي دعوات حق لهذا فقد واجهوا هم والمفكرون ومن حمل رايتهم أشد أنواع التعذيب حتى استطاعوا أن يتربعوا في النهاية في قلوب المليارات ممن آمنوا بهم، فهم من غيروا وجه البشرية. في حين كان النهج الثاني هو نهج البعض من المنافقين والدّجالين من السّاسة ومن حلفائهم رجال الدين حيث استطاع هؤلاء التأثير في الناس عن طريق التملق والدهان وقول فقط ما يشبع غرائز الناس، وليهنأ كلٌّ بخطته.
المقالات المتعلقة بكيف تكون شخص مؤثر